مِما يَنبغيْ أَنْ نَعلمهُ جَميعاً أنَّ بعضَ الناسِ قَد يَكونُ لَديهِ العُذرُ باسْتقدامِ الخَادمةِ إِذا كَانَ العُذرُ شَديدَا، وفِي هَذه الحَال التِي يَكونُ لَدى الشَّخصِ الاسْتعدادُ لاسْتقدَامِ الخَادمةِ نَظراً للحَاجةِ الشَّديدة, فَينبغيْ عَليهِ إِذا أَرادَ السَّلامةَ لِدِينهِ أَن يَتخذَ عِدةَ أُمورٍ حِيالَ ذَلك, وهَذهِ الأُمورُ هِي َ:-
1. أَنْ يَستقدمَ المَرأَةَ مَع زَوجها أَو مَحرمٍ لَهَا, وهَذهِ نُقطة أَساسية فِي المَوضوعْ، فإِذا لَمْ تَتوفرْ فلا يَنبغيْ اسْتقدامُ هَذهِ الخَادمةِ مَهما كَانتِ الظُّروفْ.
2. أَنْ تَكون هَذه الخَادمةُ مُسلمةً فإذا لَمْ تَكنْ فلا يَستَقدمُها؛ لأَنَّه آثِم.
3. عَلى المُستقدمِ إذا اسْتقدمَ الخَادمةَ أن يفرض عليها الحجاب والتستر وإلاَّ كانَ آثماً أَيضاً.
4. أَنْ يَمنع الرِّجال سَواءً كَانُوا أَبنائَه أم غَيرهُم مِن الاخْتلاطِ بالخَادمةِ مَهما بَلغتْ مِن عَدمِ الجَمالْ, هَذَا بالنِّسبةِ للمَرأَةِ، أَما بالنسبةِ للرَّجلِ فَسَواءً كَان سَائقاً أَم خَادماً، فالذِي يُشترطُ فيهِ أَن يكونَ مُسلما، وأَنْ يُمنعَ احْتِكاكهُ وخُلُوُّهُ بِالنِّساءْ.
إذَا تَوافَرتْ هَذه الشروطُ بِحذافِيرهَا من غيرِ تَفريط، نَرجُوا من اللهِ أَلاَّ يَكونَ بهِ بأْسٌ، وأَمَّا إِذا لَم يستطعْ الإنسانُ تَوفيرَ هذهِ الشروطِ فَليتقيْ اللهَ فِي نَفسهِ، ولا يُقدم عَلى مَحارمِ اللهِ، فَإِنهُ لَنْ يَنفعهُ أَهل ولا مَال، ولَنْ يَنفعهُ إِلاَّ مَا قَدمَ.
وهُو المَسئولُ أَولاً وأَخيراً عَمَّا يَحدثْ، لأَنَّ النِّساءَ نَاقصاتِ عَقلٍ ومِيراث, وتَفكيرهُن مَحدود، ولا يَستطعنَ التّمييزَ بينَ النَّافعِ والضَّار كَما يُميزُ الرَّجلُ العَاقلْ, ونَرى المُؤمنينَ قَد ضَبطوا أهْلَهم من تَحت أَيديهمْ بالحِكمةِ والثَّباتِ، وعَدمِ التَّساهلِ والتَّهاونِ فِي أمرِ اللهْ.
وهَذهِ الأُمور ما أَتت إلينَا إلاَّ بَعد أَن أَنعمَ اللهُ عَلينا بِهذهِ النِّعمِ، فهلْ جَزاءُ هذهِ النِّعمِ هُو الكفرُ بِها، والتَّمادي في المَعصيةْ؟ أَم أنَّها تَستحق الشكر والانْقياد بالطاعةْ, يَقولُ اللهُ تَعالى : [ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ] (القلم : 44، 45).
إننَا نَخشى أَنْ تَكون هذه النعمةُ استدراجاً من اللهِ سبحانهُ وتَعالىْ، كَما قالَ بعضُ السَّلف: ( إِذا رأيتَ اللهَ يُنعم على العبدِ وهو يتَمادى فِي المَعاصي فاعلمْ أَن هذَا استِدراجْ ), ويقولُ تَعالى: [ َيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ ] (سورة المؤمنون: 55،56).
ويقولُ تعالىْ: (( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )) ( سورة الأنعام:44).
إنَّ البعضَ تَغره الدُّنيا وتَكاثُرها، وهِي استدراجٌ منَ اللهْ, فإِنْ تَابَ ورجعَ و إلاَّ أخذهُ العَذابُ، وإِنَّ المُؤمنَ باللهِ حقاً يبتعدُ عن المَعاصي كَمَا يَبتعدُ عن النَّارِ، فَإذَا زَلَّ مَرةً من المراتِ اضطَربتْ أَعْصابهُ، وجَعلَ قلبهُ يخفقُ، وأصَابهُ نَدمٌ عظيمٌ.
وكُلما تَذكرَ تلكَ الهَفوةَ احْمَر وجههُ خَجلاً، وهَاجتْ عَليهِ أَحزانهُ، وتَذكرَ عِصيانَهُ لسَيدهِ ومولاهْ, ولا يَزالْ موجعَ القلبِ حتَّى يُفارق الدُّنيا ويُوارى في التُّرابْ.
فضيلة الشيخ د. سعد بن عبدالله الحميد – حفظه الله تعالى - .
نقلا من موقع ياله من دين